خبراء ومصرفيون يستعرضون حاضر ومستقبل الخدمات المالية الرقمية بالبحرين
الجودر: التشريعات المتطورة سمحت للجميع تقديم خدمات مالية
النفيعي: الابتكار أساس تطور «بنفت»
جرار: الموظف الافتراضي لتقديم الخدمات للعملاء «موضة»
الفيحاني: البحرين رائدة باعتماد التكنولوجيا المالية
د. المهندي: لا بد للمناهج التعليمية من مواكبة التطورات الرقمية
أكد خبراء أن القطاع المصرفي في مملكة البحرين شهد تحولات رقمية جذرية أثرت بشكل كبير على الطريقة التي يدير بها الأعمال ويخدم العملاء، ويعكس هذا الانتقال توجهًا عالميًا نحو الرقمنة والتكنولوجيا في مختلف القطاعات، بما في ذلك الخدمات المالية والمصرفية.
وأوضحوا أن مملكة البحرين تمثل نموذجًا مثاليًا للتبني الناجح للتحول الرقمي في القطاع المصرفي، حيث سعت المؤسسات المالية إلى تعزيز الابتكار وتوفير خدمات مصرفية أكثر فعالية وسهولة للمواطنين والشركات، ويتضمن أثر هذه التحولات تحسين الوصول إلى الخدمات المالية، وتسهيل عمليات الدفع والتحويل، وتقديم خدمات مصرفية عبر الإنترنت والجوال بشكل مبتكر، مما يعزز الكفاءة، ويسهم في تحسين التجربة المصرفية للمستخدمين، ومع ذلك يثير التحول الرقمي أيضًا تحديات جديدة مثل الأمن المعلوماتي وحماية البيانات، مما يتطلب استثمارات مستمرة في تطوير التكنولوجيا وتعزيز التدابير الأمنية.
وجاء ذلك خلال حلقة خاصة ضمن فعاليات شهر الإعلام الاقتصادي في تلفزيون البحرين حول رقمنة القطاع المالي قدمتها الإعلامية ريم جناحي وعائشة إبراهيم، وبحضور الضيوف المشاركين وهم أحمد الجودر نائب رئيس للشؤون المالية وعضو مجلس إدارة في شرك، ويوسف النفيعي نائب رئيس مجلس إدارة شركة خليج البحرين للتكنولوجيا المالية نائب الرئيس التنفيذي لشركة بنفت، وحسان جرار الرئيس التنفيذي السابق لبنكي ستاندرد تشارترد والبحرين الإسلامي، ونورا الفيحاني رئيس نقابة المصرفيين البحرينية، والدكتور مسفر المهندي رئيس مركز الصيرفة والتمويل بمعهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية «BIBF».
«بنفت» ودورها الريادي بتطور الخدمات المالية الرقمية في البحرين
من جانبه قال يوسف النفيعي نائب رئيس مجلس إدارة شركة خليج البحرين للتكنولوجيا المالية نائب الرئيس التنفيذي لشركة بنفت إن شركة بنفت منذ أكثر من عشر سنوات وضعت خطة استراتيجية مربوطة برؤية البحرين الاقتصادية 2030، ومربوطة أيضًا بتوجهات مصرف البحرين المركزي ومجلس التنمية الاقتصادية، إذ تمحورت الخطة في كيفية خلق بيئة قوية له علاقة بالمدفوعات الإلكترونية وأيضًا لها علاقة بتزويد القطاع المصرفي بالبيانات والمعلومات اللازمة التي تساعد على تقديم منتجات بصورة مبتكرة، وتخدم العملاء بشكل أفضل.
وأضاف النفيعي أن مملكة البحرين في العام 2023 حققت المركز الثاني عالميًا في معدل استخدام المعاملات المصرفية الإلكترونية، والمركز الأول بالنسبة لدول الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا وجنوب آسيا من حيث نسبة استخدام التحويلات المالية الفورية كوسيلة دفع، وذلك بمعدل متوسط 19.1 معاملة لكل شخص خلال الشهر، مشيرًا إلى أن شركة بنفت تتوقع أن يرتفع معدل المعاملات الفورية في مملكة البحرين إلى 83.3 لكل شخص خلال الشهر بحلول 2027؛ وذلك نظرًا للتوسع في استخدام أنظمة الدفع الفوري الذي توفره شركة بنفت.
وأوضح النفيعي أن شركة بنفت ركزت على جانب بناء بنية تحتية متكاملة تسع أي مجموعة يمكن أن يتم مواجهتها في المملكة، وتستوعب أيضًا كل القطاعات، ولا يقتصر الأمر على القطاع المصرفي فقط، بل على قطاعات أخرى، كقطاع الاتصالات، وقطاع التأمين، وشركات المدفوعات، بالإضافة إلى ذلك ركزت بنفت أيضًا على الاستثمار بالعنصر البشري، حيث استطاعت بنفت خلق رأس بشري قوي ليس فقط على مستوى العمليات والإدارات المتوسطة، بل على مستوى الإدارات التنفيذية والتخطيط الاستراتيجي.
ولفت النفيعي إلى أن نسبة القوى العاملة البحرينية «بحرنة» بلغت أكثر من 95% في العديد من المؤسسات المصرفية في البحرين ومنها بنفت، إذ تُعد هذه النسبة مصدر فخر واعتزاز، حيث إن البحرينيين اليوم يعملون في صناعة القطاع المصرفي وتكنولوجيا المالية، مضيفًا أن بنفت تركز على عنصرين مهمين وهم عنصرا الابتكار والتطوير، وهذا ما تميز به تطبيق «بفنت باي»، حيث عملت بنفت على مراجعة متطلبات السوق بالإضافة إلى النظر بكيفية تقديم تلك الخدمات بصورة متميزة تلبي جميع شرائح المجتمع.
ونوه النفيعي بأن شركة بنفت لديها توجه في المرحلة القادمة نحو تحليل البيانات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي بهذا المجال، بحيث يمكن من خلق بنية تحتية تستقطب تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتخدم الناس بصورة مبتكرة وحديثة.
دفعة للتطور الرقمي بالخدمات المصرفية
وقال أحمد الجودر نائب رئيس للشؤون المالية وعضو مجلس إدارة في شركة stc pay إن قوانين مصرف البحرين المركزي تُعد قوانين تقدمية ترتقي بالخدمات المصرفية بمملكة البحرين بشكل رائد ومتقدم مقارنة بالدول المجاورة، مشيرًا إلى أن القدرة على فتح المجال للخدمات المصرفية لإثارة أو إضافة نوع من التغيير يسهم بصورة إيجابية بفتح مجال السوق والخدمات المصرفية.
ولفت الجودر إلى أن شركات الاتصالات استطاعت الاستفادة من هذه القوانين والدخول في سوق الخدمات الرقمية المصرفية، إذ تمتلك شركات الاتصالات القدرة بصورة مختلفة عن المنافسين الآخرين بسوق الخدمات المصرفية، وتتمثل هذه القدرة بشركات الاتصالات على قاعدة زبائن كبيرة من خدمات الاتصالات والخدمات الرقمية الأخرى التي تقدمها شركات الاتصالات اليوم، والاستفادة من هذه القاعدة في التوسع وطرح خدمات رقمية مصرفية تكمل وتتشارك مع خدمات الاتصالات التي تقدمها.
وأضاف الجودر أن شركات الاتصالات تستطيع التمكن من الوصول لبعض شرائح المجتمع في سوق الخدمات المصرفية التي لم يصلها القطاع المصرفي بطريقته التقليدية، مشيرًا إلى أن البعض من شرائح المجتمع لم تحصل على الخدمات المصرفية بالطريقة التقليدية في البنوك والأنظمة، مستذكرًا أن منذ إطلاق شركة stc pay قبل عام، زاد النمو بشكل فائق التوقعات وغير مسبوق في العمليات المالية والمصرفية، والتي تقوم stc pay على تقديمها إلى عملائها، سواءً كانت تحويلات داخلية أو خارجية، وتحويلات عن طريف فوري وفوري بلس وتحويلات دولية خارج البحرين لأكثر من 50 دولة حول العالم.
ولفت الجودر إلى أن إمكانات شركات الاتصالات في تقديم وإثراء القطاع المصرفي أو الخدمات الرقمية المصرفية بحد ذاتها تكون في شبكة التوزيع والتسويق، بالإضافة إلى الإمكانية الكبرى التي تتمتع به شركات الاتصالات «طبيعة مجال عملها»، إذ تتمكن من تقديم الخدمات المصرفية إلى إبعاد وشرائح جديدة في المجتمع لم يسبق الوصول إليها.
رؤية وتحليل
بدوره قال حسان جرار الرئيس التنفيذي السابق لبنكي ستاندرد تشارترد والبحرين الإسلامي إن البنوك التقليدية لا تزال تطرح الخدمات عبر الفروع والهاتف وعبر الأشخاص، حيث إن البنوك التقليدية اضطرت منذ عشر سنوات، وإلى اليوم، بأن يتم طرح خدماتها إلكترونيًا أو ما يعرف بالخدمات الرقمية؛ لتتماشى هذه البنوك مع التغيرات التي حدثت في التطور التكنلوجي لدى العملاء خاصة فئة الشباب.
وأوضح جرار أن الخدمات الرقمية توفر التكلفة على البنوك بعكس الخدمات الاعتيادية من فروع وغيرها؛ ومن أكثر الأشياء المكلفة للبنك هي الفروع بحد ذاتها، حيث إن الخدمات الرقمية تعمل على تقليل المصاريف خاصة أن العميل أصبح ينجز معاملته عبر تطبيق الهاتف بدون مساعدة موظف، مشيرًا إلى أن معظم البنوك ليس لديها مقياس لحجم التوفير من خلال طرح خدمة رقمية جديدة كانت تقدم بشكل تقليدي عبر فروعها.
وحول وضع بعض البنوك لما يعرف بالموظف الافتراضي في الأعوام السابقة أضاف جرار أن تلك المبادرة التي أطلقتها البنوك بما يعرف بالموظف الافتراضي لتقديم الخدمات للعملاء تعتبر «موضة»، حيث اتضح فيما بعد أن ذلك المشروع يُعد مكلفًا، ويتطلب تكنولوجيا عالية مع متابعة وصرف، ولهذا السبب لم يتم مواصلة هذا المشروع في البنوك، منوهًا بأن هذا المشروع لم يصل إلى نهايته بعد؛ حيث إن الموظف الافتراضي يتطلب دخول الذكاء الاصطناعي فيه، بالإضافة أيضًا إلى مشروع ما يعرف «جات بوت» التي لا زالت محدودة جدًا في استخدامها، ولكن هذه تعتبر فترة تعليم بالنسبة للبنوك، وكل ما اتجهت البنوك إلى حلول رقمية أكثر كلما تطورت منتجاتها الرقمية الأخرى.
رؤية نقابة المصرفيين وتحليلها في التكنولوجيا المالية
وبدورها قالت نورة الفيحاني رئيس نقابة المصرفيين البحرينية إن مملكة البحرين تعد من الدول الرائدة في المنطقة التي اعتمدت التكنولوجيا المالية، واتخذت خطوات استباقية لاحتضان صناعة التكنولوجيا المالية من خلال تطوير مجموعة واسعة من الابتكارات والمبادرات المالية، مشيرة إلى أن مصرف البحرين المركزي قام بوضع إطار عمل تنظيمي لتسهيل عمليات الابتكار من خلال إنشاء وحدة التكنولوجيا المالية، وذلك لضمان تبني أفضل الأنظمة والطرق التنفيذية في الخدمات المالية الأمر الذي أتاحت انسيابية أبنوك نحو التحول الرقمي.
وأضافت الفيحاني أن جميع البنوك اليوم تعتمد في جذب العملاء على التحول الرقمي سواء في مملكة البحرين أو في العالم كله، موضحةً أن من أهم العوامل التي تزيد من جذب العملاء الحاليين أو الجدد هو توفير تجربة مصرفية مرنة ومتكاملة، وخدمات مصرفية متطورة ومتقدمة، وعامل الأمان والحماية يجب أن يكون ذا أولوية القصوى للبنوك لحماية بيانات العملاء وتأمين المعاملات المالية وكذلك توفير حلول تكنولوجية متقدمة.
وأشارت الفيحاني إلى أن دور القطاع المالي والمصرفي في مملكة البحرين، والذي يُعتبر من أهم القطاعات وثاني أكبر مساهم في الناتج المحلي الإجمالي لمملكة البحرين بما يقارب 18% مع تواجد 369 مؤسسة مالية ومصرفية بين المحلية والعالمية، وذلك بفضل رعاية واهتمام القيادة الرشيدة في تعزيز استقرار النظام المالي من خلال توفير عدد من المبادرات التي كانت هي الأساس إلى الوصول لأعلى مستويات النجاح، وكذلك جهود مصرف البحرين المركزي الذي عزز من سمعة ومكانة مملكة البحرين كمركز مالي رائد في المنطقة من خلال توفير كل المقومات القانونية والتشريعية واللوجستية والتنظيمية.
مناهج تعليمية وتدريبية مواكبة للتطورات الرقمية
ومن جانبه قال الدكتور مسفر المهندي رئيس مركز الصيرفة والتمويل بمعهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية «BIBF» إن القطاع المصرفي مبني على ثقة العميل، والتي تُعد أهم عنصر يستند عليه القطاع المصرفي، مضيفًا أن الشركات التقنية المالية من خلال شركات الاتصالات أتاحت فرصًا واعدة، حيث أصبحت معظم شركات الاتصالات تمتلك تطبيقًا خاصًا بها لتوفير حلول تمويلية.
وأضاف المهندي أن شركات التقنية المالية تحظى باهتمام كبير من قبل مصرف البحرين المركزي الذي قام بوضع أطر تشريعية من خلال أجهزة رقابية جدًا متقدمة وتوفر المناخ الملائم لها، لافتًا إلى أن المؤسسات المالية المصرفية في مملكة البحرين يشهد لها تميزها بتقديم خدمات مصرفية متكاملة من خلال تجارب العميل على مدى السنوات الطويلة، حيث أدت التحولات الرقمية فيها إلى نتيجة ملموسة.
وحول مواكبة المؤسسات التعليمية والتدريبية لتحولات الرقمية بالقطاع المالي والمصرفي أوضح المهندي أن معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية «BIBF» يصب تركيزه بالمقام الأول على القاعدة الأساسية وهي تأهيل الكوادر المالية داخل مملكة البحرين في مؤسساتها العريقة، وأن التحولات الرقمية التي تشهد تطورات مستمرة خاصة في السنوات الماضية القريبة أثرت بشكل إيجابي على المناهج التعليمية والتدريبية، سواءً كانت في معهد «BIBF» أو حتى في مؤسسات أكاديمية أخرى، مضيفًا أن المناهج التعليمية لابد أن تواكب التطورات الرقمية، حيث أصبحت المناهج اليوم تتجه نحو ما يعرف «بديجتال بوكس»، بحيث يوجد رقمنة في المادة التعليمية، وأن هذه التطورات والتحديثات الرقمية في القطاع تشكل فرصة جديدة للمادة التعليمية والتدريبية لتحديثها بناءً على مواكبة هذه التغييرات والتحديثات في القطاع المصرفي والمالي.